ميدو
عدد المساهمات : 114 تاريخ التسجيل : 10/12/2009
| موضوع: حكاية واعتذار وحلم الأربعاء يناير 06, 2010 1:54 am | |
| حكاية واعتذار وحلم)
مازال في الجعبة حكايات ومازال الحلم ممتدايا, حكايات من الماضي وحلم للمستقبل والخيط ممدود بينهما والهدف الإنسان هنا علي الأرض حيث العيش المشترك وهنا في مصر حيث الموروث الحضاري الممتد حتي إلي ما قبل التاريخ, قد لا يستشعره البعض وقد اغلقوا نوافذ المعرفة فراحوا يجترون مخزونايا شعبويايا متخم بالاستعلاء لا يرون فيه إلا انفسهم, وباتوا بحاجة الي نور المعرفة.
وعلي ذكر المعرفة عندي حكاية تقول بأن شابايا راهبايا ذهب يوماي شاكياي إلي أبيه الروحي بأن الأفكار الشريرة تداهمه كل يوم وتفقده سلامه وعبثا حاول مقاومتها, نظر الأب اليه في حنو وأعطاه نسخة من الكتاب المقدس وطلب إليه أن يقرأه جميعه, فرح الشاب وراح يلتهم صفحات الكتاب ظنا منه أنه وقع علي حل سحري, ولكنه وجد نفسه مازال علي حاله, عاد الي ابيه فطلب اليه ثانية أن يعيد القراءة, فعل ما طلب منه, ولكن وضعه لم يتحسن كثيرا,
ويكرر عودته لأبيه فيكرر له نصيحته بالقراءة, مرة ومرات, ويوما قال له الأب دع الكتاب جانبايا, ثم ناوله سلة مصنوعة من البوص وطلب منه أن يملأها ماء من بئر الدير, لم يستطع الراهب الشاب أن يعترض لكنه تعجب كيف يمكن لسلة مجدولة من بوص أن تحتفظ بماء, ألعل ملاكاي سيسد فتحاتها؟ ربما..!!, ربط السلة بحبل خشن وانزلها البئر واصعدها, لكن الماء كان ينساب منها عائدا الي البئر, وعبثا كرر المحاولة, فعاد إلي أبيه,
وراح يؤكد له أنه حاول ان يملأ السلة ماءي لكنه فشل, أجابه: بالطبع لن تمتلئ لكن الم تلحظ أن السلة تغيرت؟, نعم ياأبي لقد صارت نظيفة؟, أدرك الشاب* تلك التي تكلمني عن الله أكثر منها عن الشيطان, وعـن السماء أكثر منها عـن الجحيم, المغزي, فالقراءة باعتبارها المدخل الأكبر للمعرفة لن تقدم للمرء حلاي لحظياي أو سحرياي لمتاعبه ومشاكله, لكنها في تراكم حثيث تزيل اتربة الجهل,
وتجلي العقل وتفتح أفاقاي للتواصل مع الاستنارة, لعل هذا بعض مما قصده ق. يوحنا بقوله' في البدء كان اللوغوس المعرفة ـ الكلمة وكان الكلمة الله.. فيه كانت الحياة..
وقد يفسر لنا هذا لماذا يرتبط التعصب والإرهاب بالمجتمعات المنغلقة والمعادية للمعرفة والرافضة للإنفتاح علي ثقافات ومعارف خارجها, وقد استراحت إلي أن هذا حماية للخصوصية ودرءا لمؤامرة كونية تستهدفها, وهو طرح يدغدغ وجدان العامة ويجذر فيهم روح الاستعلاء, ليصبح الأخر هو الجحيم.
المعرفة تولد الاستنارة, والاستنارة تقودنا إلي قبول التعدد والاختلاف, ومنها تستقيم العلاقات البينية وتجد منظومة حقوق الإنسان مكانا لا في القوانين والدساتير وحسب بل في الذهنية الشعبية, وفي المؤسسات, وعلي ضفافها تجد القيم الإنسانية مناخا صحيا للإثمار, فتعود أجواء الألفة والمحبة والإيثار.
شئ من هذا لمسته في طرح الراهب البرتغالي خوان أرياس, في كتاب يصدمك عنوانه وتصالحك سطوره[ لا أؤمن بهذا الإله] إذ تكتشف أنه يرفض العديد من تصورات الناس عن الله حتي كادت صورته عندهم تبدو علي النقيض من الإله بحسب الأديان.
اكتشفت في بعض سطوره تشابكا مع حلم الأب سابا ـ مطران الجولان للروم الأرثوذكس ـ الذي طرحناه قبلاي, لكنه هذه المرة يطرحه راهب يسوعي من الكنيسة الكاثوليكية, يقول فيها:
* الكنيسة التي أحبها تلك التي لا تقول:' عليك أن تطيعني', بل تقول:' علينا جميعـيا أن نطيع خالقنا'...
* تلك التي تثق بأن المسيح هو الميناء وبأنها ليست إلا المنارة, وتقيم البرهـان عـلي ذلك...
* تلك التي تؤمن ان الروح اكثر حضـوريا في إنسان يحب, منه في سائر تنظيماتها...
* تلك التي, إذا شاهدت ضحل الإيمان عـند الناس وشعرت بأن الزورق يكاد يغـوص في المياه, لا تمسك بالسوط, وتكتفي بأن تقـول:' لماذا تخافون؟', بل كما قال المسيح بكل الحب والحنان والتفهم والعـمل:تشجعوا! أنا هو. لا تخافوا... يا قليل الإيمان لماذا شككت؟... ولما دخلا السفينة سكنت الريح
* تلك التي تفضل أن تزرع الآمال عـلي أن تحصـد الدموع...
* تلك التي, إذا ما أخطأت, تساعدني علي الاهتداء إلي مستقيم السبيل, ولا تدفعني إلي الخروج عـنها خروجـا ما بعـده خروج...
* تلك التي تحسن إعطـائي' مجانـيا' ما أخذته' مجانـا'...
* تلك التي لا تفرض أحمالا لاتستطيع هي حملها, مما تنوء به كواهل الفقراء...
* تلك التي تقـدم لي بسخاء كل غـناها الروحي, دون أن تفـرضه عـلي تحت طائلة العـقاب...
* تلك التي تصغـي بجدية وآمال معـقـودة إلي أصوات الفقراء والضعـفاء, أكـثر منها إلي أصوات الأغـنياء واصحاب السلطة, لأنها تعلم أن الفقراء أوفـر حرية وأقـل تورطـا وأكـثر انفـتاحا عـلي الإله الذي لا ينفـك يدعـو البشر...
* تلك التي دعوتها هي المدافعـة عـن كل حق إنساني, وليست حماية للامتيازات, سواء كانت لها أو لسواها...
* تلك التي تخلص وهي تبارك وتسامح وتعـذر, أكـثر منها وهي تعاقب...
* تلك التي تؤمن بالمسيح أكـثر منها بالبنوك والسياسة...
* تلك التي تبتغي النصر لا عـن طـريق السلطة, بل عـن طريق القـوة العجيبة المقـدسة الكامنة داخلها وتحفظها...
* تلك التي تمنح الذين يؤمنون بها والذين يناهضونها, علي حد سواء, الحرية والثقـة...
* تلك التي يختار خدامها الجماعة المسيحية بارشاد الروح القدس, لا الذين يمارسون الضغـوط...
* تلك التي تؤثـر لرعاتها صدقـا يؤلم ولكنه يوقـظ, عـلي تبخـير يدغدغ ولكنـه يبعث عـلي الرقـاد...
* تلك التي تقبل مسرورة أن يزرع الله في حقول غـير حقولها, ويحصد هناك ما قد يفوق الحصاد عـندها...
* تلك التي لا تقدم لي إلهيا مثلجـيا جامـديا, بل إلهـا حيـا, حاضـرا, لا يزال يتكلم, إلهـا نستطيع اكتشافه في كل لحظة لأنه معين لا ينضب...
* تلك التي لا تخشي أن تخطئ من جـراء تمسكها الزائد بروح الإنجيل, بقدر ما تخشي الخطأ من جراء التشبث المفرط بسلطتها وصلاحيتها...
* تلك التي تكلمني عن الله أكثر منها عن الشيطان, وعـن السماء أكثر منها عـن الجحيم, وعـن الجمال أكـثر منها عـن الخطيئة, وعـن الحـرية اكـثر منها عـن الطاعـة, وعـن الرجاء أكـثر منها عـن السلطة, وعـن المحبة أكـثر منها عـن الأبدية, وعـن المسيح أكـثر منها عـن ذاتها, وعـن العالم أكـثر منها عـن الملائكة, وعـن جوع الفقراء أكـثر منها عـن المساهمة مع الأغـنياء, وعـن الخـير أكـثر منها عـن الشر, وعما هو حـلال أكـثر منها عما هو حـرام, وعما هو لا يزال قابلا للبحث والتنقيب أكـثر منها عما هو في حـيز العلم, وعـن اليوم أكـثر منها عـن البارحة...
* تلك التي لا تفـرض عـلي أن أتخلي عـن شخصيتي لأكون مسيحيـيا, ولكنها تساعـدني عـلي اكتشاف ما زرعـه الله في من عجـائب وثروات...
* تلك التي كل همها ان تسعي إلي الأصالة لا العـدد, أن تكون بسيطة تفتح نوافـذها للنـور لا متسلطة, أن تكون مسكونية لا عقائدية جازمة, أن تكون قديسة لا أن تكسب تصفيق الجماهير, أن تكون للجميع لا أن تكون جامدة منعزلة...
* تلك التي تـنير ضمـيري دون ان تحـل محـله...
* تلك التي هي أم اكـثر منها ملكة, ومحـام أكـثر منها قاض ديـان, ومعلم أكـثر منها شرطي...
* تلك التي تستطيع أن تكون رءوفة بكل ضعف, وجبارة في وجه كل رياء وخبث, ولا يمكنها ان ترمي بجواهرها للخنازير...
* تلك التي نارها مشتعلة أبدا لمن يرتجفون برديا, والتي خـبزها حاضر أبديا لكل جائع, وبابها مفتوح, ونورها يضئ, وسريرها جاهـز للذين يسيرون تعـبين, باحثين عـن حقيقة وحب لم يعط لهم بعـد العـثور عليهما...
ويبقي أن نقترب من حلم الكنيسة المصرية فإلي لقاء... | |
|